الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (نسخة منقحة)
.سورة نوح: .تفسير الآيات (1- 4): {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)}نوح عليه السلام هو نوح بن لامك، وقد مر ذكره وذكر عمره صلى الله عليه وسلم، وصرف نوح مع عجمته وتعريفه لخفته وسكون الوسط من حروفه، وقوله: {أن أنذر قومك} يحتمل أن تكون {أن}: مفسرة لا موضع لها من الإعراب، ويحتمل أن يكون التقدير بأن أنذر قومك وهي على هذا في موضع نصب عند قوم من النحاة، وفي موضع خفض عند آخرين، وفي مصحف عبد الله بن مسعود {إلى قومه أنذر قومك} دون {أن}، والعذاب الذي توعدوا به: يحتمل أن يكون عذاب الدنيا وهو الأظهر والأليق بما يأتي بعد، ويحتمل أن يكون عذاب الآخرة. وقرأ جمهور السبعة: {أنُ اعبدوا}، بضم النون من أن إتباعاً لضمة الباء وتركاً لمراعاة الحائل لخفة السكون، فهو كأن ليس ثم حائل. وقرأ عاصم وحمزة وأبو عمرو، وفي رواية عبد الوارث {أنِ اعبدوا}، بكسر النون وهذا هو الأصل في التقاء الساكنين من كلمتين. و{يغفر} جواب الأمر وقوله تعالى: {من ذنوبكم} قال قوم {من} زائدة، وهذا نحو كوفي، وأما الخليل وسيبويه فلا يجوز عندهم زيادتها في الواجب، وقال قوم: هي لبيان الجنس، وهذا ضعيف لأنه ليس هنا جنس يبين، وقال آخرون هي بمعنى عن. وهذا غير معروف في أحكام من، وقال آخرون: هي لابتداء الغاية وهذا قول يتجه كأنه يقول يبتدئ الغفران من هذه الذنوب العظام التي لهم. وقال آخرون: هي للتبعيض، وهذا عندي أبين الأقوال، وذلك أنه لو قال: {يغفر لكم ذنوبكم} لعم هذا اللفظ ما تقدم من الذنوب وما تأخر عن إيمانهم، والإسلام إنما يجبُّ ما قبله، فهي بعض من ذنوبهم، فالمعنى يغفر لكم ذنوبكم، وقال بعض المفسرين: أراد {يغفر لكم من ذنوبكم} المهم الموبق الكبير لأنه أهم عليهم، وبه ربما كان اليأس عن الله قد وقع لهم وهذا قول مضمنه أن {من} للتبعيض والله تعالى الموفق. وقرأ أبو عمرو: {يغفر لكم} بالإدغام، ولا يجيز ذلك الخليل وسيبويه، لأن الراء حرف مكرر، فإذا أدغم في اللام ذهب التكرير واختل المسموع. وقوله تعالى: {ويؤخركم إلى أجل مسمى} مما تعلق المعتزلة به في قولهم: إن للإنسان أجلين، وذلك أنهم قالوا: لو كان واحداً محدوداً لما صح التأخير، إن كان الحد قد بلغ ولا المعاجلة إن كان الحد لم يبلغ.قال القاضي أبو محمد: وليس لهم في الآية تعلق، لأن المعنى أن نوحاً عليه السلام، لم يعلم هل هم ممن يؤخر أو ممن يعاجل؟ ولا قال لهم: إنكم تؤخرون عن أجل قد حان لكم، لكن قد سبق في الأزل أنهم إما ممن قضى لهم بالإيمان والتأخير وإما ممن قضي عليه بالكفر والمعاجلة، فكأن نوحاً عليه السلام قال لهم: آمنوا يبين لكم أنكم ممن قضي لهم بالإيمان والتأخير، وإن بقيتم فسيبين لكم أنكم ممن قضي عليه بالكفر والمعاجلة ثم تشدد هذا المعنى ولاح بقوله: {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر}. وقد حكى مكي القول بالأجلين ولم يقدره قدره، وجواب {لم}، مقدر يقتضيه اللفظ كأنه قال: فما كان أحزمكم أو أسرعكم إلى التوبة {لو كنتم تعلمون}..تفسير الآيات (5- 11): {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11)}هذه المقالة قالها نوح عليه السلام بعد أن طال عمره وتحقق اليأس عن قومه، وقوله: {ليلاً ونهاراً} عبارة عن استمرار دعائه، وأنه لم ين فيه قط، ويروى عن قتادة أن نوحاً عليه السلام كان يجيئه الرجل من قومه بابنه فيقول: احذر هذا الرجل فإن أبي حذرني إياه، ويقول له إنه مجنون. وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: {دعائيَ إلا} بالهمز وفتح الياء، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: {دعايْ} بسكون الياء دون همز، وروى شبل عن ابن كثير: بنصب الياء دون همز مثل هداي، وقرأ عاصم أيضاً وسلام ويعقوب: بهمز وياء ساكنة. وقوله: {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم} معناه: ليؤمنوا فيكون ذلك سبب الغفران. وقوله تعالى: {جعلوا أصابعهم في آذانهم} يحتمل أن يكون حقيقة، ويحتمل أن يكون عبارة عن إعراضهم، وشدة رفضهم لأقواله، وكذلك قوله: {استغشوا ثيابهم} معناه: جعلوها أغشية على رؤوسهم، والإصرار الثبوت على معتقد ما، وأكثر استعماله في الذنوب، ثم كرر عليه السلام صفة دعائه لهم بياناً وتأكيداً وجهاراً يريد علانية في المحافل، والإسرار ما كان من دعاء الأفراد بينه وبينهم على انفراد، وهذا غاية الجد. وقوله تعالى: {استغفروا ربكم يرسل السماء} يقتضي أن الاستغفار سبب لنزول المطر في كل أمة. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استسقى بالناس فلم يزد على أن استغفر ساعة ثم انصرف فقال له قوم: ما رأيناك استسقيت يا أمير المؤمنين، فقال: والله لقد استنزلت المطر بمجادح السماء، ثم قرأ الآية، وسقى رضي الله عنه، وشكى رجل إلى الحسن الجرب فقال له: استغفر الله، وشكى إليه آخر الفقر، فقال: استغفر إليه، وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولداً، فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فنزع بهذه الآية.قال القاضي أبو محمد: والاستغفار الذي أحال عليه الحسن ليس هو عندي لفظ الاستغفار فقط، بل الإخلاص والصدق في الأعمال والأقوال، فكذلك كان استغفار عمر رضي الله عنه، وروي أن قوم نوح كانوا قد أصابهم قحوط وأزمة، فلذلك بدأهم في وعده بأمر المطر ثم ثنى بالأموال والبنين. قال قتادة: لأنهم كانوا أهل حب للدنيا وتعظيم لأمرها فاستدعاهم إلى الآخرة من الطريق التي يحبونها، و{مدرار}: مفعال من الدر، كمذكار ومئناث، وهذا البناء لا تلحقه التأنيث..تفسير الآيات (12- 20): {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)}وعدهم بالأموال والبنين والجنات والأنهار لمكان حبهم للدنيا، واختلف الناس في معنى قوله تعالى حكاية عن نوح عليه السلام: {ما لكم لا ترجون لله وقاراً} فقال أبو عبيدة وغيره: {ترجون} معناه تخافون، ومنه قول الشاعر [أبو ذؤيب الهذلي]: [الطويل]قالوا والوقار: العظمة والسلطان، فكأن الكلام على هذا وعيد وتخويف، وقال بعض العلماء {ترجون} على بابها في الرجاء وكأنه قال: ما لكم لا تعجلون رجاءكم لله وتلقاءه وقاراً، ويكون على هذا التاويل منهم كأنه يقول: تؤدة منكم وتمكناً في النظر لأن الكفر مضمنه الخفة والطيش وركوب الرأس، وقوله تعالى: {وقد خلقكم أطواراً} قال ابن عباس ومجاهد: هي إشارة إلى التدريج الذي للإنسان في بطن أمه من النطفة والعلقة والمضغة، وقال جماعة من أهل التأويل هي إشارة إلى العبرة في اختلاف ألوان الناس وخلقهم وخلقهم ومللهم، والأطوار: الأحوال المختلفة. ومنه قول النابغة: [البسيط] وقرأ {ألم تروا} وقرأ {ألم يروا} على فعل الغائب و{طباقاً} قيل هو مصدر أي مطابقة أي جعل كل واحدة طبقاً للأخرى ونحو قول امرئ القيس: [الرمل] وقيل هو جمع طبق، وهو نعت لسبع، وقرأ ابن أبي عبلة، {طباقٍ} بالخفض على النعت ل {سموات}، وقوله تعالى: {وجعل القمر فيهن} ساغ ذلك لأن القمر من حيث هو في إحداها فهو في الجميع، ويروى أن القمر في السماء الدنيا، وقال عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن العباس: إن الشمس والقمر أقفارهما إلى الأرض وإقبال نورهما وارتفاعه في السماء، وهو الذي تقتضيه لفظة السراج، وقيل إن الشمس في السماء الخامسة، وقيل في الرابعة، وقال عبد الله بن عمر: هي في الشتاء في الرابعة وفي الصيف في السابعة. وقوله تعالى: {أنبتكم من الأرض نباتاً} استعارة من حيث أخذ آدم عليه السلام من الأرض ثم صار الجميع {نباتاً} منه، وقوله تعالى: {نباتاً} مصدر جار على غير المصدر، التقدير فنبتم {نباتاً}، والإعادة فيها: هي بالدفن فيها الذي هو عرف البشر، والإخراج: هو البعث يوم القيامة لموقف العرض والجزاء، وقوله تعالى: {بساطاً} يقتضي ظاهره أن الأرض بسيطة كروية واعتقاد أحد الأمرين غير قادح في نفسه اللهم إلا أن يتركب على القول بالكروية نظر فاسد، وأما اعتقاد كونها بسيطة فهو ظاهر كتاب الله تعالى، وهو الذي لا يلحق عنه فساد البتة. واستدل ابن مجاهد على صحة ذلك بماء البحر المحيط بالمعمور، فقال: لو كانت الأرض كروية لما استقر الماء عليها. والسبل: الطرق والفجاج: الواسعة. .تفسير الآيات (21- 25): {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25)}المعنى فلما لم يطيعوا ويئس نوح من إيمانهم قال نوح: {رب إنهم عصوني} واتبعوا أشرافهم وغواتهم، فعبر عنهم بأن أموالهم وأولادهم زادتهم {خساراً} أي خسراناً، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي ونافع في رواية خارجة عنه {ووُلْده} بضم الواو وسكون اللام، وهي قراءة ابن الزبير والحسن والأعرج والنخعي ومجاهد، وقرأ نافع وعاصم وابن عامر {ووَلَده} بفتح اللام والواو وهما بمعنى واحد كبُخْل وبَخَل وهي قراءة أبي عبد الرحمن والحسن وأبي رجاء وابن وثاب وأبي جعفر وشيبة، وقرأ {ووِلده} بكسر الواو والجحدري وزر والحسن وقتادة وابن أبي إسحاق وطلحة، وقال أبو عمرو: {وُلْد} بضم الواو وسكون اللام العشيرة والقوم، وقال أبو حاتم يمكن أن يكون الوُلد بضم الواو جمع الولد وذلك كخشب وخشب، وقد قال حسان بن ثابت: [الكامل]وقرأ جمهور الناس: {كبّاراً} بشد الباء وهو بناء مبالغة، نحو حسان. قال عيسى: وهي لغة يمانية وعليها قول الشاعر [أبو صدقة الدبيري]: [الكامل] بضم الواو، وقرأ ابن محيصن وعيسى ابن عمر {كبار} بتخفيف الباء وهو بناء مبالغة إلا أنه دون الأول، وقرأ ابن محيصن فيما روى عنه أبو الأخريط وهب بن واضح بكسر الكاف، وقال ابن الأنباري جمع كبير فكأنه جعل المكر مكان ذنوب أفاعل ونحوه. وقوله تعالى: {وقالوا لا تذرن آلهتكم} إخبار عن توصيهم بأصنامهم على العموم، وما كان منها مشهور المكانة، وما كان منها يختص بواحد واحد من الناس، ثم أخذوا ينصون على المشهور من الأصنام، وهذه الأصنام روي أنها أسماء رجال صالحين كانوا في صدر الدنيا، فلما ماتوا صورهم أهل ذلك العصر من الحجر، وقالوا: ننظر إليها فنذكر أفعالهم فهلك ذلك الجيل وكثر تعظيم الآخر لتلك الحجارة، ثم كذلك حتى عبدت ثم انتقلت تلك الأصنام بأعيانها، وقيل بل الأسماء فقط إلى قبائل من العرب، فكانت {ودّ} في كلب بدومة الجندل، وكانت {سواع} في هذيل، وكانت {يغوث} في مراد، وكانت {يعوق} في همذان، وكانت {نسر} في ذي الكلاع من حمير. وقرأ نافع وحده ورويت عن عاصم بضم الواو. وقرأ الباقون والأعمش والحسن وطلحة وشيبة وأبو جعفر: بخلاف عن الثلاثة {وَداً} بفتح الواو، وقال الشاعر: [البسيط] فيقال إنه أراد بذلك الصنم، وقال آخر [الحطيئة]: [الطويل] يروى البيتان بضم الواو، وقرأ الأعمش: {ولا يغوثاً ويعوقاً} بالصرف، وذلك وهم، لأن التعريف لازم ووزن الفعل. وقوله: {وقد أضلوا كثيراً} هو إخبار نوح عنهم وهو منقطع مما حكاه عنهم. والمعنى وقد أضل هؤلاء القائلون كثيراً من الناس الأتباع والعوام، ثم دعا عليهم إلى الله تعالى بأن لا يزيدهم إلا ضلالاً، وذكر {الظالمين} لتعم الدعوة الدعوة كل من جرى مجراهم. وقال الحسن في كتاب النقاش: أراد بقوله: {وقد أضلوا}، الأصنام المذكورة وعبر عنها بضمير من يعقل من حيث يعاملها جمهور أهلها معاملة من يعقل، ويسند إليها أفعال العقل. وقوله تعالى: {مما خطيئاتهم} ابتداء إخبار من الله تعالى لمحمد عليه السلام، أي أن دعوة نوح أجيبت فآل أمرهم إلى هذا، وما الظاهرة: في قوله: {مما} زائدة فكأنه قال: من خطيئاتهم أغرقوا وهي لابتداء الغاية، وقرأ {مما خطيئتهم} على الإفراد الجحدري والحسن، وقرأ أبو عمرو وحده والحسن وعيسى والأعرج وقتادة بخلاف عنهم {مما خطاياهم} على تكسير الجمع. وقال: {فأدخلوا ناراً} يعني جهنم، وعير عن ذلك بفعل الماضي من حيث الأمر متحقق. وقيل أراد عرضهم على النار غدواً وعشياً عبر عنهم بالإدخال. وقوله: {فلم يجدوا} أي لم يجد المغرقون أحداً سوى الله ينصرهم ويصرف عنهم بأس الله تعالى.
|